رسائل مي زيادة وجبران خليل جبران
- basharjalal
- قبل 27 دقيقة
- 2 دقيقة قراءة

✨ رسائل مي زيادة وجبران خليل جبران: مراسلات تتخطى حدود الحبّ والأدب
في تاريخ الأدب العربي، نادرًا ما نجد علاقة كتلك التي جمعت جبران خليل جبران بالأديبة مي زيادة — علاقة لم تُبنَ على لقاءٍ عابرٍ أو زمنٍ مشترك، بل على كلماتٍ حملت بين طيّاتها الفكر والعاطفة والبحث عن المعنى.
في كتابي «رسائل مي زيادة» و**«رسائل جبران إلى مي زيادة»**، نقرأ تجربة حبٍّ روحانيٍّ فريدة امتدت لأكثر من عشرين عامًا دون لقاءٍ واحد، لكنها كانت أغزر وأصفى من كثير من العلاقات الواقعية. لم تكن مراسلات عادية، بل وثيقة فكرية وإنسانية جمعت بين الشرق والغرب، وبين أنثى تبحث عن ذاتها ورجلٍ يسكن الشعر والفلسفة معًا.
✉️ مي زيادة: امرأة الفكر والروح
مثّلت مي زيادة نموذج المرأة العربية المفكّرة في مطلع القرن العشرين. حساسة الشعور، دقيقة الملاحظة، تمتلك قلمًا راقيًا وروحًا تنبض بالحياة الفكرية.كانت تميل إلى العزلة رغم حضورها الاجتماعي اللامع، وتكتب لتكتشف ذاتها والعالم من حولها.من خلال رسائلها، عبّرت عن رؤيتها للحب بوصفه علاقة فكرية وروحية أكثر من كونه عاطفة آنية، وهو ما جعلها تُقارن في الأدب الفرنسي بكاتبات مثل مدام دي سيفيني التي حوّلت الرسائل إلى فنّ قائم بذاته.
💬 جبران خليل جبران: بين الإلهام والحنين
أما جبران، فقد وجد في ميّ روحًا تُشبهه في القلق والبحث عن المعنى.في كتابه «رسائل جبران إلى مي زيادة»، يظهر وجه آخر للفيلسوف الذي كتب النبي والأجنحة المتكسّرة، وجه الإنسان الذي يكتب من وجعه وشوقه لا من حكمته فقط.في إحدى رسائله إليها قال:
“لا يا مي، لستُ بقانع ولا أنا بسعيدٍ، في نفسي شيء لا يعرف القناعة، لكنه ليس كالطمع.”
بهذه البساطة، كشف جبران عن جوهره الإنساني الأعمق، وبيّن أن الحبّ بالنسبة له كان حوارًا أبديًا بين روحين لا تلتقيان إلا بالكلمة.
🌿 أدب المراسلات بين الخلود والبوح
تشكّل هذه الرسائل أحد أجمل ما كُتب في الأدب العربي الحديث، لأنها لا تكتفي بسرد العاطفة، بل تفتح الباب أمام الفكر والتأمل والحرية.كلمات ميّ تأتي مفعمة بالدفء والتساؤل، بينما كلمات جبران تتنفس الفلسفة والحنين.كأنهما يكتبان معًا قصيدة لا تنتهي، تمتدّ عبر الزمن، ويجد القارئ فيها حتى اليوم صدقًا نادرًا وعذوبة فكرية وروحية متكاملة.
💫 بين ميّ وجبران… خلدتهما الرسائل
بعد وفاة جبران عام 1931، بقي أثره حيًّا في كتابات ميّ زيادة، فكانت تقول إن رسائلهما لم تكن أوراقًا فحسب، بل حياة لم تكتمل.ومن يقرأ اليوم رسائل مي ورسائل جبران إلى مي، لا يقرأ قصة حب فقط، بل يقرأ حوارًا إنسانيًا خالدًا جمع بين الشرق والغرب، والأنوثة والعقل، والخيال والحقيقة.
هذان الكتابان ليسا مجرّد مراسلات، بل شهادة أدبية خالدة على أن الكلمة الصادقة تتجاوز الزمان والمكان لتبقى في ذاكرة الأدب العربي كأرقى أشكال التعبير عن الحبّ والفكر والإنسانية.




تعليقات